هى دائما لحظة تفرق بين الموت و الحياة
لحظة بين النعم و اللا
بين الكلمة ومنطوقها . بين القول و عدم القول و الفعل و عدم الفعل .لحظة واحدة فقط تفرق في حياة البني ادم .لحظة توقف قلب المريض حتى يظن ان الموت يلتقمه و بصدمة كهربائية في لحظة تعود اليه الحياة .
و في لحظة أخرى يسمونها جنون يتحرر العقل من جميع الحواجز و القيود ليخترق أفاق جديدة لم يعهدها من قبل. فيتفاجئ من نفسه و تفاجئه الأنوار المستترة في جدران الظلام التى قضى فيها ما ماضى من عمره . فيترنح صاحب العقل كالمخبول من قوة الضوء في عينه ثم يصيبه العما لبرهة فلم يعد يرى شيئا على الإطلاق . وفي لحظة يتسلم حدسه مقاليد القيادة و تتحرر حواسه القلبية لتقوده في الطريق المجهول المظلم رغم اشتعاله بأضواء الحقيقة .هى لحظة ملئية بالخوف و الشغف و الفضول و الانتظار لأشياء لم تأتي بعد . لحظة تحرر العقل و القلب معا هى لحظة اكتشاف جديد للحياة و أسرارها التى تتخطى كل القوانين الموضوعة . فلا شئ يحكمك و لا حدود تشبهك و لا قانون يسري عليك تطبيقه سوى ذلك القانون الخفي المعلن بينك و بين خالق هذا الكون و الأكوان الموجودة داخلك. حين تكتشف لغة خفية تمكنك من أن تحادث النمل و الشجر و الجمادات و الحجر. فتكوَن صداقات جديدة مع كل سكان الكوكب . و تكلم أهل السماء كما يكلمك أهل الأرض.وحين يرد اليك بصرك و تنير الحقيقة عينك لن تعد تستطيع تحمل نفاق البشر و كذبهم المنقطع النظير على أنفسهم أولا، و ستشم رائحة ضمائرهم العفنة التى ماتت تحت جلودهم منذ عقود و أعوام
و في لحظة ستتخلى عن كل ماديات هذا العالم . و رغم انك تعيش بين أوحال تنغمس في الملذات و الترف سيكون قلبك المكان الذي يتطهر الناس فيه من حماقاتهم ويحاولون استرجاع انسانيتهم التى تشوهت.ستكون قِبلة لرواد الحياة
إن كان هذا ما يدعونه جنون، فياحبذا أن أكون مجنوناً.
No comments:
Post a Comment